الرباط المنصوري

قصص

الرباط المنصوري

هو بناء تاريخي من العصر المملوكي وقد استخدم لوظائف مختلفة على مدار التاريخ. فقد استخدم كسجن مركزي، ومركز نشاطات للجالية الأفريقية وتحول مؤخرا إلى منبر ثقافي هام. ويقع الرباط المنصوري في الجانب الغربي من الحرم القدسي ويطل على شارع باب الناظر الذي يربط طريق القاضي بالمسجد الأقصى. ويرجع بناء الرباط إلى العصر المملوكي (681 هجري/ 1282-1283 ميلادي) حيث أنشئ تحت حكم السلطان قلاوون الصالحي لتوفير المأوى للمحرومين ولزوار القدس.

وأصبح الرباط يعرف بسجن الرباط في نهاية الحكم العثماني وبداية القرن العشرين عندما تم تحويله إلى سجن. وبدأ السكان الأفارقة بالإقامة في الرباط نظرا لقربه من المسجد الأقصى حيث تولوا حراسة الرباط والعناية به وقدموا الخدمات لزواره. وعلى مدار الوقت أصبح الرباط ملحقا بالجالية الأفريقية التي أنشأت جمعية مجتمعية فيه.

وقد تقدم أعضاء الجالية الأفريقية بطلب لإعادة تأهيل المباني الواقعة في الجانب الغربي من الرباط والتي تستخدم كمركز مجتمعي، وقد استثمرت مؤسسة التعاون 237,278 دولارا أمريكيا في إعادة تأهيل المكان حيث أعيد تبليط الطوابق كلها باستخدام بلاط من الحجر، وأعيد تنظيمها لتوليف الأنماط التاريخية المستوحاة من التراث المعماري الإسلامي، مع إدخال علية (ميزانين)، وإعادة تنظيم البهو الرئيسي لوضع ورشة خياطة وورشة موسيقى، والتي أحيطت كل واحدة منها بجدران عازلة للصوت. كما توجهت عمليات التأهيل نحو إعادة تأهيل بنية المركز التحتية وتركيب كاميرات مراقبة وأنظمة تبريد وتهوية ميكانيكية مع شبكة كمبيوتر وأجهزة إنذار للحريق وكذلك توسيع شبكات تزويد الكهرباء والماء.

وقد جاء مشروع إعادة التأهيل الشامل في وقت ظهرت فيه حاجة ماسة لهذا النوع من النشاط حسب ما أفاد به المدير التنفيذي لجمعية الجالية الأفريقية. ورغم محاولة الجمعية إعادة تأهيل المقر بمبادرة شبابية في الماضي، لم تتمكن جهود إعادة التأهيل الأولى من تلبية احتياجات المركز الشاملة التي تضررت بفعل أعمال الحفر الإسرائيلية في المناطق المحيطة وبسبب العوامل البيئية مثل معدلات الرطوبة العالية. وقد جاء مشروع جمعية الجالية الأفريقية من الاحتياج الحقيقي لتوسع الجمعية في برامجها لتقديم تدخلات تنموية موجهة للأطفال والشباب، والتي استدعت كلها زيادة قدرة المركز وتحسين بنيته التحتية.

ورغم التحديات العديدة التي عصفت بأعمال إعادة التأهيل التي قدمها البرنامج بما فيها تعطيل مده شهر تسببت به السلطات الإسرائيلية بحجة رغبتها في "التحقق من آلية إعادة التأهيل"، إلا أن هذا النشاط نجح في تمكين جمعية الجالية الأفريقية من مواصلة توسيع برامجها. وقد أدخلت الجمعية مؤخرا ورشة خياطة رفعت من مستوى المعيشة الاقتصادي لعشر سيدات وأسرهن من سكان البلدة القديمة في القدس. وقد استفاد الشباب من سكان البلدة القديمة من أعمال إعادة التأهيل، حيث استغل محمد عبد الفتاح وهو أحد الشباب المقيمين في المنطقة أعمال الترميم لإقناع أعضاء نادي سينما القدس لتنظيم تصوير أفلام للشباب.

كما أسهمت أعمال إعادة التأهيل في تمكين سكان من خارج الجالية الأفريقية من استخدام المكان ما عزز الروابط والتفاعل بين سكان البلدة القديمة، وقد أصبح المكان بعد الترميم اليوم مركزاً للنشاطات واللقاءات ولتنفيذ الفعاليات الاجتماعية والثقافية، ومن الأمثلة على هذه النشاطات هناك اللقاء الشهري الذي ينظمه نادي " زندي " حيث يجتمع خلاله مائة شاب وفتاه، وكذلك التدريب على الرقص والموسيقى الذي تنظمه فرقة حلم الشبابية حيث يشارك 60 شاباً وفتاة في كل تدريب.

ومن المتابعة مع سكان المنطقة المحيطة بالرباط فقد رفع المشروع مستوى النشاطات الثقافية والاجتماعية التي تتم داخل المركز المجتمعي بشكل كبير، وقد أشار الأهالي الى مساهمة تلك النشاطات بتعزيز التماسك المجتمعي ورفع مستوى الوعي العام والمشاركة المجتمعية.